لماذا تخيفهم كلمة التوحيد؟

لا شيء تعتز به السعودية مثل اعتزازها برفع كلمة التوحيد ورعاية الحرمين الشريفين ونشر كتاب الله الكريم ، فهذه هي مصادر اعتزازها وفخرها منذ تأسيسها، هذا الالتزام الصادق تجاه الدين الحنيف وشعائره، بقدر ما يلقى الترحيب والتقدير من ملايين المسلمين الذين يرون في المملكة أنموذجا متميزاً في رفع راية الإسلام وتطبيق تعاليمه ورعاية كل ما يتعلق به، لا يُعجب بعضاً ممن يرون أن الإسلام هو سبب التأخر، ويحاربون كل مظهر يرمز إلى الدين.

على الساحة المصرية هناك تقديرٌ شعبي كبير للمملكة، ولما تقدمه من خدمة للإسلام والمسلمين، ومن رعاية للحرمين الشريفين، وهي رعاية يشاهدونها بأعينهم خلال مواسم الحج والعمرة، كما أن هناك وداً كبيراً ومحبة تجمع الشعبين السعودي والمصري، لا يمكن أن تؤثر فيها بعض الأصوات النشاز التي تبحث عن أية مناسبة للإساءة إلى هذه العلاقة.

قبل أيام كنتُ أشاهد مقطعاً على اليوتيوب لشاب مصري علق على صدره لافتة تحمل كلمات تتهجم على المملكة، ورفع عقيرته مردداً ما تبثه بعض القنوات الفضائية الإيرانية المتخصصة في الهجوم على المملكة، فكان أن تقدمت إليه مجموعة من المواطنين المصريين وكذبوا ما كان يردده، وأرغموه على الخروج من المكان.

اللمز من قناة المملكة وترديد الاتهامات ضدها لا يتوقف على شاب لا يدرك ما يقوم به من عمل، بل انتقل إلى بعض من الإعلاميين والمثقفين، فهؤلاء لا يترددون في سوق اتهامات يدركون أنها بعيدة عن الصواب، ولكن يرون فيها ما يعزز موقفهم من المملكة، أو يؤيد ما يطرحونه من رأي يرى إبعاد الدين عن الحياة، والبعض يزج باسم المملكة كورقة في صراعاته مع الجماعات الأخرى.

كاتبٌ عُرف بمعارضته للمادة الثانية من الدستور المصري التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي، ويرى أن هذه المادة ضد قيام الدولة المدنية، لم يشأ أن يكون بعيداً عن هذه الموجة في الهجوم على المملكة، فاختار في حوار مع صحيفة ''الوفد'' رفع علم التوحيد من قبل أحد المتظاهرين في ميدان التحرير ليكون مدخلا للهجوم على المملكة، واختارت الصحيفة قوله ''رفع علم السعودية في ميدان التحرير ترك مرارة في حلقي'' عنواناً رئيساً للحوار. وبالطبع اعتراض هذا الكاتب ليس على رفع العلم بقدر ما هو اعتراض على ما يحمله العلم من شعار ديني عظيم.

هذا الكاتب حاول إثارة الشعب المصري عبر الربط بين رفع هذا العلم وبين استقلال مصر، ثم قال: أنا لم يدم قلبي شيء ومراراته ما زالت في حلقي حتى الآن، مثلما حدث عندما رأيت علم السعودية مرفوعاً في وسط القاهرة.

هذه الهجمة على السعودية ومحاولة استغلال أي حدث أو مناسبة للإساءة إلى العلاقة بين البلدين الشقيقين، لا يمكن أن تُعزل عن تلك الوفود التي تذهب إلى طهران وتتحدث عن أن الثورة المصرية في حاجة إلى قائد مثل الثورة الإيرانية، وهي وفود شككت صحفٌ ومجلاتٌ مصرية عديدة في أهدافها من هذه الزيارات، واتهمتها بالنفاق لإيران.

إذاً هناك حملة هدفها الإساءة إلى العلاقات السعودية ــ المصرية المتميزة ، وهي حملة بدأت من خارج مصر ثم انتقلت إلى داخلها، هذه الحملة هي ما أشار إليها السفير السعودي في القاهرة أحمد قطان حينما حذر من محاولة الوقيعة بين الشعبين المصري والسعودي، وهي حملة يدرك الشعب المصري أهدافها، وهو القادر ــ بإذن الله ــ على إبطالها.

صالح محمد الجاسر

كلام صحيح ومن رجل فصيح اشكرك