بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي العزة المجيد , والبطش الشديد, الفعال لما يريد... والمنتقم ممن عصاه بالنار بعد الإنذاربهاوالوعيد..المكرم لمن خافه واتقاه بدار لهم فيها من كل خير مزيد ... فسبحان من قسم خلقه قسمين فمنهمشقي ومنهم سعيد قال تعالى:{من عمل صالحافلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد} واشهد أن لا اله إلا الله وانمحمد عبده ورسوله الداعي إلى التوحيد أما بعد:
أهــــلا وســــهــــلاوالســـلام علـــــيـــكموتــــحـيــــة مــــنـــا تـــزفإلــــيــــكــــم
أحـــبــابــنــا مـــا أجمل الدنيا بــكملاتقــــبـــح الدنيـــا وفيــــها انــتــــم
إخواني أهديكم سلاما لو رفع إلىالسماء لكان قمرا منيرا ولو نزل إلى الأرض لكساها سندسا وحريرا ولومزجبماء
البحر لجعل الملح الأجاج عذبا فراتا وسلسبيلا فالسلام عليكم ورحمة اللهوبركاته
.والآن مع الذكرالحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء ولا يشبع منه العلماء ن قال به صدق ومن حكم به عدلمعالطالب : ....................
حديث شريف للبشير النذيروالسراج المنير محمد صلى الله عليه وسلم مع الطالب :
وخـــــتـــــامـــــاً :الله كاف فما لي من دونه كافيعلى اعتدائي على نفسيوإسرافي
تشرف الناس بالدنيا وقد غرقوافيها فكل على أمواجهاطافي
حسب الفتى بتقى الرحمن من شرفوما عــــبــــيدك يادنـــيا بأشــرافي
أودى الزمان بأسلافي وخلفنيوسوف يلحقنييوما بإسلافي
لا تمش مع الناس إذ لا رحمة لهمولاتـــعـــامـــلـــهم إلا بإنـــصـــاف
ما أحسن الشغل في تدبيرمنفعةأهل الفراغ ذو خوض وإرجافيوالسلام عليكم ورحمة اللهوبركاته
وإن أعظم مثل يصور لنا خطر جليس السوء ما حصل لأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاته فقد جاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين احتضاره وهو يلفظ آخر أنفاسه فقال له رغبة في إسلامه: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقال له أبو جهل وكان جالسا عنده: أترغب عن ملة عبد المطلب فرسول الله صلى الله عليه وسلم يلقنه الإسلام وأبو جهل يلقنه الكفر إلى أن مات وهو يقول هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله([2]) بسبب جليس السوء فمصاحبة الأشرار
مؤمن إن ماشيته نفعك وان شـاورته نفعك وان شاركته نفعك وكل شيء منأمره منفعة "
" ما خلق الله خلقا اضر من الصاحب السوء "
لا تصحب من لا ينهضك حاله .. ولا يدلك على الله مقامه
وقال صلى الله عليه وسلم «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة»([
جليسك الصالح يشعر بشعورك ويعتني بشئونك ويهتم بأمورك يفرح بفرحك ويحزن لحزنك ويسر بسرورك، يحب لك ما يحب لنفسه ويكره لك ما يكره لنفسه وينصح لك في مشهدك ومغيبك، يأمرك بالخير وينهاك عن الشر ويسمعك العلم النافع والقول الصادق والحكمة البالغة ويحثك على العمل الصالح المثمر ويذكرك نعم الله عليك لكي تشكرها ويعرفك عيوب نفسك لكي تجتنبها ويشغلك عما لا يعنيك.
جليسك الصالح لا يمل قربك ولا ينساك على البعد وإن حصل لك خير هنأك وإن أصابتك مصيبة عزاك يسرك إذا حضرت بحديثه ويرضيك بأفعاله ويحضر بك مجالس العلم وحلق الذكر وبيوت العبادة ويزين لك الطاعة بالصلاة والصيام والإنفاق في سبيل الله وكف الأذى واحتمال المشقة وحسن الجوار وجميل المعاشرة، ويقبح لك المعصية ويذكرك ما يعود به الفساد عليك من الويل والشقاء في عاجل الأمر وآجله.
حتى يكون كبائع المسك وأنت المشتري ولصلاحه ونصحه لا يبيع عليك إلا طيبا ولا يعطيك إلا جيدا وإن أبيت الشراء طيبك وصب عليك العطر فلا تمر بشارع ولا تسلك طريقا إلا وعبق منك الطيب وملأت به الأنوف وأولئك هم القوم لا يشقى بهم جليسهم تنزل عليهم الرحمة فيشاركهم فيها ويهم بالسوء فلا يقوله، ولا يستطيع فعله إما مخافة من الله وإما حياء من الناس .
فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك أو يهدي لك نصيحة أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك فيحثك على طاعة الله وبر الوالدين وصلة الأرحام ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه والطباع والأرواح جنود مجندة يقود بعضها بعضا إلى الخير أو إلى ضده وفي الحديث: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»([1]) وفي الحكمة المشهورة: لا تسأل عن المرء واسأل عن قرينه.
، وأما قرين السوء فهو بضد ذلك كله فإنك إن لم تشاركه في إساءته أخذت بنصيب وافر من الرضى بما يصنع والسكوت على شر تخاف منه وتحذره وتحتاط لحفظ كرامتك من أن يمزقها أو أن يسمعك عن نفسك أو عن الآخرين ما لا تحب وأنت وإياه في الإثم سواء ومن أعان على معصية ولو بشطر كلمة فهو كالفاعل وكل كلام لا يحل فهو من اللغو الذي مدح الله تاركيه بقوله }وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ{ [القصص: 55] .
[الفرقان: 27، 29] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصحب إلا مؤمنا»([3]) ويقول الشاعر:
واختر من الأصحاب كل مرشد *** إن القرين بالقرين يقتدي
وصحبة الأشرار داء وعمى *** تزيد في القلب السقيم السقما
فإن تبعت سنة النبي *** فاجتنبن قرناء السوء
4]) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أروعه من مثل يصور لنا حقيقة الجليس وما ينتج عنه من نفع أو ضر وخير أو شر وطيب أو خبث وصدق الله العظيم إذ يقول: }قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ [المائدة: 100
وفي الحكمة المشهورة: لا تسأل عن المرء واسأل عن قرينه
وقد قال الله تعالى مخبرا عن عاقبة الظالمين وتمنيهم سلوك طريق المؤمنين وندمهم على مصاحبة الضالين المضلين: }وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً{
] اللهم وفقنا للجلساء الصالحين والأصدقاء الناصحين وزينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين آمين يا رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.